Click
Click
Click
Click

الاثنين، 5 نوفمبر 2007

الرجل ذو الصحيفه


قصة قصيره


(١)


كان قبل خمس سنوات تقريبا عندما رأيت هذا الرجل لأول مره. كنت بأوتوبيس المواصلات العامه جالسا في الصف الخامس الى اليمين،عندما توقف الباص عند محطة المنتزه.. وصعد اليه هذا الرجل لم يكن به شيء مميز فهو متوسط الطول بملامح عادية جدا، ليس بأسمر وليس بابيض ويرتدي ثيابا رمادية اللون تبدو اصغر من مقاسه، ولديه لحية صغيرة غير مشذبة يشوبها بعض البياض .. وكان يحمل بيده جريدة مطوية بالطريقة التي تفعلها عندما تريد قتل ذبابة بها صدقوني أنا لا أعرف اسمه حتى الان، وبعد مرور تلك السنوات الخمس. سار هذا الرجل ذو الصحيفة المطوية في ممر الباص ثم جلس على الكرسي خلفي مباشرة، وما ان انطلق الباص في رحلته الى المحطة التاليه، حتى احسست بشيء يلمس رأسي، وكأن ذبابة قد حطت عليه، فنظرت الى الخلف، لم يكن هناك أحد غيره، عدت اراقب أعمدة النور التي تمر على نافذة الباص وهو ينطلق ..وفجأة أحسست بمن يضرب رأسي، لقد كان نفس الرجل يضرب رأسي بجريدته، ليس بقوة وانما بخفة عجيبه وطريقة ميكانيكيه وكأنه يحسب الوقت الفاصل بين كل طرقة ..والتاليه


ألتفت اليه ونظرات الغضب تملأ عيني وصرخت به: هل أنت بمجنون؟ لايبدو وكأنه يسمعني، فلقد إستمر بالطرق الخفيف المتواصل غير عابيء بغضبي واحتجاجي. لم تصدر منه اية ردة فعل و لا انفعال ولا حتى احساس وكأنني أتكلم مع ورقة من الخس


قررت النزول عند المحطة القادمه، فلابد انه أحد المجانين الطليقين في الشوارع والذين لا يجدون لهم مكانا في المصّحات العقليه. ربما كان مجنونا مسكينا خرج من بيت أهله وهم يبحثون عنه الان..وحالما نزلت في محطة الاستاد الرياضي، حتى نزل معي وصار يمشي خلفي..يحث الخطوات حتى اقترب الي مسافة تمكنه من معاودة الطرق بجريدته على رأسي..تك..تك..تك طريقة ميكانيكية منضبطه كعقارب الساعه وكأنه يحسب الوقت الفاصل بين كل طرقة والتاليه


درت بجسمي وواجهته، ولكنه استمر بالطرق على راسي بجريدته، فسحبتها من يديه ورميتها بعيدا فاستدار مذعورا يبحث عن جريدته، انتهزت تلك الفرصة وهربت الى الشارع الجانبي وجلست على احد كراسي الانتظار لأخذ الاوتوبيس رقم ٤٢ الى بيتي

وفجأه، احسست بالطرقات المزعجة فوق رأسي مرة اخرى، طرقاته ليست مؤلمه ولكنها متوالية بطريقة ميكانيكية منضبطه كعقارب الساعه وهي من النوع المزعج جدا مثل الذبابة التي تحط على نفس الجزء من جسمك مرة تلو اخرى ولاتستطيع التخلص منها.. لقد كان يطرق على رأسي وكأنه يحسب الوقت الفاصل بين كل طرقة والتاليه. لقد وجدني اللئيم وعاد يفعل الشيء ذاته، فقلت له بأنني سأنادي على رجل الشرطة ان لم يتوقف عن ازعاجي، ولكن وكأنني أتكلم مع ورقة خس، استمر الرجل ذو الجريده.. تك..تك..تك يطرق بطريقة ميكانيكية منضبطه كعقارب الساعه ..وكأنه يحسب الوقت الفاصل بين كل طرقة والتاليه


(٢)


فصرت اسير بسرعة كبيره، وهو يمشي ورائي يطرق بجريدته على رأسي، وصار يلهث من التعب وهو يحاول بمشقة اللحاق بي ليستمر بطرقانه على رأسي، وهنا ادركت ان هذه هي نقطة ضعفه فأن جريت بسرعة اكبر فسيصيبه الاعياء ويستسلم ، وربما يسقط ويموت بسكتة قلبيه..فأطلقت ساقي للريح اجري باسرع ما اقدر عليه، وانا اسمع صوت تنفسه المجهد ولهثاته من خلفي يحاول اللحاق بي، ان بيتي ليس ببعيد جدا من هنا فأن تابعت الجري لمدة اربعين دقيقه ، فسأصل الى هناك بعدما يكون هذا الرجل المجنون ذو الصحيفه المطويه، قد ضاع واختفى وهذا ماحدث بالفعل، فعندما بلغت شارعنا، لم يكن له اثر من خلفي، فتوقفت عن الجري وصرت امشي بصورة طبيعيه.ولكن كلها دقيقه حتى عاد ذلك الطرق المنتظم الميكانيكي المنضبط على رأسي، وكأنه عقارب الساعه، لقد كان هو نفس الرجل ذو الصحيفه وكأنه، يحسب الوقت الفاصل بين كل طرقة والتاليه بجريدته على رأسي


وهنا فقدت اعصابي وصبري ولكمته بكل قوة في وجهه..فسقط مترنحا على الارض، ثم قام والدم ينزف من مناخيره، ونفض الغبار الذي علق بثيابه الرماديه التي تبدو اصغر من مقاسه، والتقط صحيفته وطواها كمن يريد ان يقتل بها ذبابه..وعاود الطرق على رأسي.. تك..تك..تك يطرق بطريقة ميكانيكية منضبطه كعقارب الساعه وكأنه يحسب الوقت الفاصل بين كل طرقة والتاليه


(٣)


ظل يمشي ورائي حتى باب العماره، فصرت اصرخ به ايها المهووس ايها المجنون اذهب لبيتك، ثم توقفت عن الصراخ على ضحكات بعض الماره الذين كانوا يشهدون تصرفاتنا الغريبه


تبعني حتى باب الشقه، حاولت منعه من الدخول ولكنه تغلغص بين الباب و بيني ودخل الى الشقه، ومنذ ذلك الحين وهذا الرجل يعيش معي..خمس سنوات حتى الان ، نحن لا نتكلم معا ابدا ولكنه يستمر بطرق رأسي بجريدته المطويه، في البداية لم استطع النوم بسبب طرقاته على رأسي ولكنني تعودت عليها الان..لابل أصبحت لا استطيع النوم بدون ان احس بهذه الطرقات المتواصله.. تك..تك..تك انه يطرق بطريقة ميكانيكية منضبطه كعقارب الساعه وكأنه يحسب الوقت الفاصل بين كل طرقة والتاليه


أن علاقتنا غريبة جدا الان، فرغم انني حاولت وبشتى الطرق والاساليب أن أقنعه بأن يتركني لحالي من دون جدوى..فكأنني اتكلم مع ورقة من الخس . جربت ان اذهب الى مركز الشرطه ولكنهم قالوا انه لايسبب لك اي ضرر ولا يزعج الاخرين- وكم ضربته ولكمته ورفسته- بدون فائده فهذا الرجل يعتقد انه في مهمة من اجلي، لابد انه يظن انه يساعدني بعمله هذا ويريح ضميره وهذا ربما كان سر اصراره. لقد فكرت حتى بقتله او ربما قتل نفسي. صار جزء من حياتي يذهب معي للعمل ويستقل معي الباص و يرافقني للسوق وهو يطرق بجريدته على رأسي تك..تك..تك


(٤)


الان وبعد مرور خمس سنوات مازال هذا الرجل يقوم بمهمته من الطرق على رأسي، ومازلت اجهل حتى اسمه.. لقد ذهب غضبي منه وتعودت عليه، لقد صار جزء من حياتي لا اتخيل العيش بدون هذه الطرقات الخفيفه المنتظمه كعقارب الساعة على رأسي


وبعد الخمس سنوات هذه صرت اعيش في هاجس اخر يقلقني..ماذا سأفعل لو رحل هذا الرجل واختفى يوما ما؟ ماذا لو مات وتركني؟ كيف سأنام؟ كيف سأكل ؟ كيف سأشرب قهوتي؟ بدون احساسي بتلك الطرقات تك..تك..تك الميكانيكية المنضبطه كعقارب الساعه وهو يحسب الوقت الفاصل بين.. كل طرقة والتاليه


****
بن كريشان

7 التعليقات:

silhouette يقول...

فركة حلوة هي جمعك للقصص في بلوج واحد,, هذه احدى قصصك المفضلة عندي

غير معرف يقول...

جيمس بوند يسألك:
ماهية هذه الخطوه التي أقدمت عليها؟
اليست مفاجئه؟
يعني
هل خطرت في بالك فجأه؟
ومالذي قصدته من ورائها؟
تساؤلات ربما لم يهتم بها الاخرون..
لدي احساس معين لن اعلنه الان..
ربما في المستقبل.
بالمناسبه :
الست منزعج من قلة التعليقات هنا؟
طبعا لا بد أنك بين الفينة والاخرى تلقي نظره فاحصه من بلكونتك هذه على الساحه الخلفيه في البلوج الاخر حيث يلعب صبيانك هناك بانتظار اطلالتك عليهم
منظرهم مضحك وهم يلعبون لاهون ولا يدرون شيئا عما يدور في خلدك..
ولكني أعتقد أنني أعرف سرك!!!
بالمناسبه:
الجو هاديء هنا بعيدا عن الاولادفي الساحه الخلفيه
صدقني يمكننا مناقشةبعض الامور برويه بعيدا عن زعيقهم وهرجهم
هههههههه
سلام يا بن العم
الله يعيذنا من بلاويك
ولو أني ما أقدر أفرط بيك
يمكن يوم الله يصلحك
وعن الضلال يثنيك
هذا منى القلب لكن
ايش العمل واللي فيك بيك
هل تذكر رسالة
من القلــــــب
قبل عام ونصف
هل تذكر خليفه بن زايد
والدكتور......
ووووو.....
وسلام حزيــــن
مره تانيه
يا مسبب الاحزان
وجرحك قوي
ماله طبيب
يا مفرق الخلان
يا عدو كل حبيب
ذنبك على جنبك
يا انسان يا عجيب
............
..........
.......
....
..
.
احفظ الخير
واللي يحبونه لك
عسى مهون العسر
يسمع الذين يدعولك
يالله يا رازق الطير
تهدي هالعبد لرجوعه لك
وسلامتكم

غير معرف يقول...

مادري غريبه القصه

ROAD RUNNER يقول...

هـل أعتــدنا القمع والتسلط علينا حتى صرنا نفتقده أن زال؟؟؟؟

ربما ما حدث في العراق هو الجواب .. أو لا ادري

eagleeyez يقول...

Momtaz kal 3ada ya ben kirishen bi atam ma3na al kalima.

mochawe9a al 9essa, wa fiha routine momel bi nafess el an methel a al tek tek tek, aladhi az3ajani fi bidayet al sared lakeni t3awadetou 3alay, methel al tekrar fel wassef al mot3amed.

I9a3 ghaya fel ebda3, 3assa an yafeham el ba9i maghza al 9essa, betaba3 la ata7adath 3an al mo2minine, hom fel 3ada balidi al dhehen wa mena assa3b an yafehamou, wa yltaj2oun bi sor3a lel dou3a2 watalab al maghfira, ka2anak fi 7aja lahom wali do3a2ihom al ma7moum al ladhi la yanfa2 wala yadhor...

ya man tda3ouna belahi ma3rifatan, madha law tabayana anhou ghayrou mawjoud ? ma2ze9 akid, ka efti9ad al tak tak tak.

غير معرف يقول...

one of my favovurite short stories of yours.I love the artistic quality of your short stories,less aggressive than your other blog ;) keep all the amazing work

kisses,

Diana

Only Human يقول...

صدقت يا بن كريشان فهم كالذباب

statsheet counter

website counter

الفكر الإلحادي

الإلحاد

الملحدون العرب

الملاحده

العلمانيه

الحريه

الليبراليه

اللادينيه

الخلافه الإسلاميه

اللجنه الدائمه للإفتاء

الأسلام

مواقع إسلاميه

إلحاديه

الأسلام اليوم

مفكرة الإسلام

عمرو خالد

الأعجاز العلمي

الملحدين

السنه النبويه