Ben Short

قصة للإطفال الصغار

لا تبدأ القصص الجميله بدون كان ياما كان ، لذا فالنقول:

كان ياما كان.. وفي قديم الزمان، كانت هناك ناس تعيش في وادي مقفر في بلاد الرمال. تحيط بهم الجبال السوداء، وتغرز ارجلهم في الرمال البيضاء.. والتي ان ركضوا عليها فعليهم ان يرفعوا ارجلهم عاليا كمن يجرى في الماء.

كان الناس في قرية الواد يعملون في خدمة قوافل الجمال التي تمر عليهم. انهم يعرفون قدوم القافله من نباح كلابهم. فيهرعون إليها و يبيعون إلى اصحابها الماء و الطعام، و يشترون منهم الزيت الذي يدهنون به وجنات اطفالهم التي احرقتها الشمس.

الاطفال يلعبون في الوادي الكبير الذي تتوسطه صخرة عظيمه. يتسلقونها و يدورون حولها و هم ينشدون. كان الاطفال يسمونها صخرة الفيل، لأنها تشبه الفيل الجاثم. لم يكن الكبار يرون الفيل.. إلا انهم يتركون الاطفال يتحلقون حولها و يدورون عليها و هم يرددون اهازيجهم و اناشيدهم الطفوليه.

كان الاطفال يعرفون ان الصخرة هي فيل
كانت القطط و الكلاب تعرف ان الصخرة هي فيل
كانت الجمال تعرف ان الصخرة هي فيل
كان الاطفال يعرفون انه ايضا فيل نائم..وسيستيقظ يوما ما

كل الاطفال في قرية الواد يقومون بالتسلق على الصخرة ، يجلسون عليها و كانهم يمتطون ظهر الفيل، يلمسون الجزء الذي يبدو و كانه أذنه الكبيره، بينما يشير الاطفال الاخرون من تحت الي ما يظنون انه خرطوم الفيل.

مر يوم شيخ كبير على الاطفال الذين يلعبون على الصخرة فقال لهم ان هذا الفيل جاء هنا يبحث عن الماء..فنام فوق النبع. ان تحت الفيل نبعا عذباً من الماء، وسيأتي يوم يرحل فيه الفيل، وعندها سيخرج الماء من تحته.

عند غروب شمس كل مساء و خاصة حين يتوسط القمر المضيء القبة السوداء المزخرفة بالأنجم ..فينعكس نوره على صخرة الفيل، وكان الاطفال يرون من فتحات خيامهم انه يتحرك ..انه يبتسم لهم ، وتلمع عيناه تحت ضوء القمر.

في وقت القحط
عندما تموت القريه
سيتحرك الفيل
يغادر القريه
وسيعود النبع
فائضا من جديد

هكذا سجعت الكاهنة لشيخ القريه الذي أجابها : اي فيل؟
فيل الاطفال..كل الاطفال يعرفون هذا الفيل. اجابته الكاهنه. قال شيخ القريه: ليس هناك من فيل عندنا ..انني لم ارى اي فيل في حياتي.

انحبس المطر تلك السنه، و غاض ماء الابار عميقاً. كان الناس لايتركون اطفالهم يلعبون خارجاً من شدة الحر. كانوا يوفرون قطرات المياه. بدون الماء لن تأتي القوافل. لن يشترى منهم احداً الماء و لن يحصلوا على الزيت الذي يدهنون به بشرة اولادهم المحروقة بأشعة الشمس الملتهبه.

في غفلة الاهل ..ظل الاطفال يعودون الى صخرة الفيل و ينثرون حولها الاعشاب الجافه ثم يمسكون اياديهم الصغيره ويدورون عليها في حلقات و هم ينشدون: إستيقظ ايها الفيل العظيم. انقذنا من محنتنا و ارجع إلينا نبعنا. كان الاطفال يدورون و يدورون حول الصخرة حتى يصيبهم الدوار ، ولكن صخرة الفيل.. لا تتحرك.

لم يحدث شيء...حتى هبت عاصفة عظيمه

صرخ طفل من خيمته في تلك الليلة العاصفه حين هبت الرياح القاسيه من الشمال: انه يحرك أذنه... تعالى صياح الاطفال وهتافهم تلك الليله ، وحاولت الامهات ان يحضّن اطفالهن و يعيدونهم الى النوم. ولكن كان الاطفال مضطربين و قلقين يتهافتون و يصرخون..الفيل يغادر القريه انظروا..الفيل ينهض انه يتحرك، كان الاطفال ينادون بعضهم بعضاً عبر الخيام.

و امام اعين الاطفال، في تلك الليلة المغبرة نهض الفيل على قوائمه الاماميه اولاً..ثم جلس كما يجلس الكلب، حاول النهوض مرة اخرى ، و رفع خرطومه الى اعلى ولكن هبت نفحة من تراب الصحراء فيه..وفجأة سمع الاطفال صوته: آآه..آآآآآه..آآآتشوووووه.

عطس الفيل عطسة عظيمة، سمعها كل سكان الصحراء، اضاءت لها قصور الشام وسقطت بسببها بلكونة كسرى وبدا القمر و كأنه قد انشق . ركضت الامهات يحتضن اطفالهن بخوف وهن يصيحن: رحمة الاله رحمة الاله. وفجأة سقط وانهار الفيل مُتحطما في ثورة من الغبار و الاتربه. كان صوتا مخيفا لم يسمعه اهل القريه من قبل.

في الصباح وبعد ان هدأت العاصفه و جد اهل القرية تلك الصخره قد تحطمت، و خرج نبع من الماء من تحتها. اطفال القرية يعرفون ان الفيل استجاب لأهازيجهم و رجائهم فقد غادر القريه ليُخرج الماء من اجلهم، كبار القرية لا يصدقون هذه القصه ولم يروا الفيل ابداً، ولكن القوافل عادت تزور القريه تبغي الماء..بنى اهل القرية من حجارة صخرة الفيل بيتا يدورون حوله و يغنون نفس اهازيج الاطفال إمتناننا.. للفيل الذي رحل عنهم.

وعاش الجميع في سلام و وئام.


بن كريشان