بن شورت يبحث عن مدونته

قصة قصيره
كان يوماً مثل هذا قبل شهر أختفت فيه مدونتي من على الانترنيت. صرت افكر لماذا حدث لي ذلك؟ لماذا انا من بين الناس؟ إستغرقت في تفكيري وتأملاتي عميقاً ، اين اجد مدونتي المفقوده؟ عندما تضيّع قلمك، أو فردة حذائك أو حتى نظارتك، فأنت تعلم كيف تبحث عنها، فقد تكون قد وضعتها هنا ، أو نسيتها هناك ، أو ربما تتعرف على الشخص الذي اخذها. ولكن عندما تضيع منك مدونتك، فمن يكون قد أخذها؟

جائني خاطر غريب بعد عدة ايام من التفكير بأن البحث عن مدونه ، لايشبه ابداً البحث عن النظاره أو الحذاء، بالطبع لا ..فهذه الاشياء ماديه بينما المدونه ليست بماديه، فلا يمكن لمسها ولاحملها، انها اشبه بالايمان الديني. صحيح تستطيع ان ترى مدونتك في شاشة ولكن كثيراً من المسيحيين والهندوس كذلك يرون إلههم في صوره. وهنا بدت الحقيقة تتجلى لي.. شيئاً فشيئاً.

إذا كانت المُدونه عبارة عن إيمان، فالإنترنيت ماهي إلا دين. إنها ليست بمُصادفة ان يكون الدين شبيه بالانترنيت فكلاهما خلقه الانسان من أجل إستخدام الانسان ولأغراض مختلفه. فعلاً، قلت في نفسي- الدين والانترنيت في كل مكان ..وحتى إن لم تستطع ان تلمس الانترنيت فأنت تعلم انها موجوده، مثلما تعلم ان الله موجود بدون أن تراه او تلمسه وهنا فقط ..عرفت كيف سأجد مدونتي المفقوده.

عندما يكون هناك دين فلابد ان يكون له رب، فإن كانت الانترنيت ديناً، فلن يعرف مكان مدونتي إلا رب الانترنيت. وهنا بدأت رحلتي للبحث عن هذا الرب.

بدأت أسأل الناس إن كانوا يعرفون مكان رب الانترنيت، هناك كثير من عبدة الانترنيت من حولنا تتعدد مذاهبهم وفرقهم وطقوسهم في عبادة رب الانترنيت.. ولكنني بدأت افقد الامل لأن كثير من هؤلاء لايعرفون بالضبط أين يعيش ربهم ..رب الانترنيت؟ وفي يوم من الايام كنت في بيت أختى وزوجها، و اثناء الحديث سألتهم إن كانا يعرفان مكان رب الإنترنيت لأسأله عن مدونتي ، اثار إستغرابي حوارهما عن الانترنيت:

أختي: أتعرف مالذي اكرهه في هذه الانترنيت؟

زوجها: ماذا؟

اختي: ان الجيل الجديد من البنات و الاولاد صاروا يتعارفون على الانترنيت بدون رقيب و لا حسيب.

زوجها: لقد سمعت عن حالة زواج تعرّف فيها العروسان على بعض من خلال الانترنيت.

اختي: الم اقل لك؟

زوجها: هل فكرت بذلك ملياً- انه شيء يشبه ما فعلته امي منذ سنوات عندما أختارتك زوجه لي.

وهنا سرح ذهني بعيداً..إذا كانت الانترنيت تزوج العرسان بدون أن يعرفان بعضهما بعضاً وبدون حتى ان يلتقيان مُسبقاً..فلابد ان تكون الانترنيت دين عربي وان الذي اخترعها عربي، وهذا يعني ان رب الانترنيت يعيش هنا.. في بلاد الرمال.

قررت الأتصال بأخي الشقيق بن كريشان، فهو قد قام بكثير من البحث ليجد مكان" رب الرمال" الذي يعيش في بلاد الرمال، فلابد إذاً ان يكون عنده خيطاً يقودني الى مكان ربي انا..رب الانترنيت.

بن شورت: شقيقي العزيز لقد اعياني التعب و أنا ابحث عن مكان مدونتي، فهل تساعدني و تخبرني اين يجب ان ابحث.

بن كريشان: انه سؤال صعب ياشقيقي العزيز، فقبلك فشل الكثيرون، مثل باريس هيلتون.

بن شورت: اتقصد ان ابحث عن رب الانترنيت بفندق هيلتون باريس؟

بن كريشان: لا شقيقي الساذج..هيلتون باريس هو المكان الذي صورت فيه باريس هيلتون الفيلم الانترنيتي الشهير، انا اقصد باريس هيلتون في دبي.

بن شورت: ولكن كيف تكون باريس هيلتون في دبي بينما هيلتون باريس في باريس؟

بن كريشان: مابالك هكذا ياشقيقي، باريس هيلتون صورت أكثر فيلم شهرة و إنتشاراً على الانترنيت في هيلتون باريس و هي الان في دبي تصور ..شيئاً أخر. إذهب إليها و إسألها ، فقد سمعت انها الاخرى كانت تبحث عن رب الرمال.

أخيراً فهمت مالذي يقصده شقيقي، باريس هيلتون جاءت الى أرض الرمال تبحث عن رب الرمال لتتزوجه، و هي التي نشرت أكبر فيلم على الانترنيت، فهي كمن اطلق مذهباً جديداً في الدين، فلابد انها تعرف شيئاً أكثر من الذي يعرفه شقيقي بن كريشان ، شيء سيدلني ربما على مكان رب الانترنيت.

لم يكن امراً سهلاً ان اصل الى باريس هيلتون التي كانت تقيم في هيلتون دبي، لا أتكلم عن حراس الامن بل عن عاملة بدّالة التلفون .

بن شورت: آلو ..هل من المُمكن ان أتكلم مع باريس هيلتون.

عاملة البدّاله: عفواً ياسيدي، هذا هيلتون دبي و ليس هيلتون باريس.

بن شورت : سيدتي انا اعلم هذا ، ولكنني اريد ان توصليني بالأنسه باريس هيلتون لأتحدث معها.

عاملة البدّاله: انا لا استطيع ان اوصلك بآنسات في باريس هيلتون..فخطوطنا ليست مرتبطه.. عليك ان تتصل بباريس هيلتون مباشرة و تطلبها.

بن شورت: اطلب من؟

عاملة البدّاله: الانسه التي ترغب في التحدّث معها.

بن شورت: ولكنها مقيمه في هيلتون دبي عندكم.

عاملة البدّاله: من هي التي عندنا؟

بن شورت: أوووه..باريس هيلتون بالطبع

عاملة البدّاله: قلت لك ياسيدي هذا هيلتون دبي و ليس هيلتون باريس.

مالعمل ؟ لا فائدة من الجدال العقيم مع عاملة البداله، فكان لابد ان ارحل بنفسي و أقود سيارتي مئة و اربعين كيلومتراً لأقابل باريس هيلتون شخصياً طالما كان الحديث معها على الهاتف مستحيلاً. إنتظرت طويلاً حتى رأيتها في اللوبي مع حُراسها، الذين حاولوا منعي بالطبع من الحديث معها فصحت منادياً : باريس ساعديني أرجوك ..انا ايضاً ابحث عن ربي. اخذتها الشفقة بي فأشارت للحرس بأن يسمحوا لي.

قالت لي باريس هيلتون و قد اغمضت عيناها واسبلت أهدابها الصناعيه على خدها : لو كنت مكانك ايها المسكين لفكرت هكذا، لتجد رب الانترنيت..يجب ان تجد مكة الانترنيت اولاً ، وعندما تجد مكة الانترنيت ، فلابد انه سيكون بداخل كعبتها ، فهي دائماً بيت الله في بلاد الرمال و حيث يعيش.

من قال عن باريس هيلتون انها غبيه.. بالتاكيد قد اخطأ. قضيت اياماً في تأملاتي بحكمة كلمات باريس هيلتون والتي كانت مفتاحي الى طريق الهدايه. إن كان رب الانترنيت يعيش في بلاد الرمال، فهناك مكة واحدة بها فقط. فلبست فوطة الاحرام و إنطلقت في رحلة بالطائرة الى مدينة مكه المقدسه.

نزلت في هيلتون مكه المُطل على الكعبه.. نظرت إليها كثيراً فأنا اعرف ان رب الانترنيت لايعيش بداخلها، لأنها بيت الرب القديم. و هنا طلبت من إدارة فندق هيلتون مكه ان يأخذوني الى غرفة الكومبيوتر لديهم حيث تكون جميع السيرفيرات محفوظه. كان هناك العديد منها، فسألت احد العاملين اي من هذه السيرفيرات هو المختص بالانترنيت؟ فأشار إليه..لقد كان السيرفر الوحيد الاسود اللون..كالكعبة تماماً.

فجثوت على ركبتي و بدأت صلاتي لرب الانترنيت، ثم قمت بالدوران حول السيرفر سبع مرات اقبل فيها زاويته كل مره..فإنفتح باب ، باب حقيقي إنفتح في السيرفر، فدخلت.

وهناك رأيته، اخيراً وجدته، كان رب الانترنيت جالساً على عرشه امامي مشغولاً بلعبة فيديو اون لاين على الانترنيت. فجلست اشرح له الوضع ،و كيف ضاعت مدونتي من الانترنيت ورجوته ان يعيدها لي. بدون أن ينظر إلي قال: لقد كنت مُؤمنا صدوقاً ، لأنك وجدتني بفطرتك وبدون إستخدامك لمحرك البحث ، و لقد اوحيت الى غوغل ان أخفوا مُدونة عبدنا الحقير ليكون إختباراً لصدق إيمانه. أنا ياعبدي الحقيرهو نفسه رب الرمال، ولكنني لم اعد اعيش الان في ذلك البيت العتيق. لقد إخترعت فكرة البيت العتيق منذ اكثر الف سنة ليكون مركزاً للدين وسميته كعبه تحوم الناس حولها كالحشرات حول الضوء.. ولكن كما تعلم ياعبدي الحقير بأن ذلك الدين القديم صار يفقد جاذبيته بعد مرور كل هذه السنين وخاصة انه مبني على الكذب..بينما دين الانترنيت دين جديد و امامه سنوات طوال ليزدهر، فكما ترى انه بالأنتشار يوماً بعد يوم إنني هنا لا احتاج الى مرسلين مثل صلعم و يسوع، فعندي إيميل، كما إنني لا احتاج ان ارسل لهم المعجزات، بوجود اليو تيوب، لذا نقلت سكني من ذلك البيت المكعب.. الى هذا الصندوق المكعب، فبعد أن كنت رب البيت..صرت الان رب الانترنيت، الم تحزر تشابه الحروف؟

تبارك مُتصفحك المقدس ، ولكن لماذا اخترتني أنا بعقوبتك يارب الانترنيت، او هل اقول رب الرمال؟ فأجابني: لأن البشر يحتاجون من يتحكم بهم، وهو من الافعال الخيره، الإ تحب الخير ياعبدي الحقير؟ يجب ان تكون شاكراً إنني لم آمُرك بذبح قطتك على جبل حفيت..بالطبع انا شاكر نِعَمك علىّ ، اجبته و قلت له: أعد لي مدونتي سُبحان بيونات شبكتك الرقميه، فأشار لي ان اغادر، ففتح الباب و خرجت بينما إستمر هو يلعب الفيديو- اون لاين ضد ولد صغير في الارجنتين.

عندما رجعت الى مدينة العين فتحت الانترنيت فوجدتها ، لقد عادت، اعاد لي رب الانترنيت مدونتي جزاء صبري و إجتيازي لإختباره الايماني.


بن شورت