Click
Click
Click
Click

الأربعاء، 23 يونيو 2010

يوم القيامه


(١)

كان الطابور طويلاً جداً، يمتد لآلاف الاميال وقد اصطف فيه مليارات ومليارات من النفوس البشريه كل ينتظر بصبر و خشيه دوره. انه يوم القيامه، يوم الحساب، اليوم الذي ستحاسب وتجزي الانفس كل نفس على افعالها في حياتها الدنيا..الطابور يمتد بعيداً فوق تلال و داخل وديان و الجميع ينتظر دوره ليصل الى عرش الرحمن والذي كان بعيداً فوق تلة خضراء مرتفعه يستطيع الكُل ان يراها بوضوح تام. كلما حكم الله على احد بالجنة او النار ..كلما تقدم الطابور خطوتان.

في الامام كان هناك رجل مُسلم تبدوا على وجهه أسارير الفرح و الدهشه، وخلفه في الطابور مُلحد كان مُندهشاً كذلك غير مُصدقٍ لما يرى و هو يبحث في جيوبه عن موبايله ليتصل بأحد يسأله عما يحدث هنا.

بعد ان حُكم على مُخترع مصبغة الغسيل الجاف بالعذاب الابدي لتناقض ذلك مع اية و جعلنا من الماء كل شيء حيّ ، جاء دور الرجل المُسلم ليَمثُل امَامَ الله…فتقدمَ الى العرشِِ وسَجد حتى ناداه الله: قم يا عبدي، فقام الرجل وقد بدى على وجهه الرضا ليتلقى حسابه. فسأله الله: ياعبدي ماجعلك تؤمن بي وتصدق برُسلي؟

قال الرجل المسلم: لقد آمنت بك لأنني عرفت انه لا إله غيرك وانك…فقاطعه الله فجأة: ليس هذا سؤالي بل قل لى لم آمنت بي؟

أجاب الرجل وهو مُرتبك: لأنك ربي وانا آمنت بك دائماً.

قال الله: هذا ليس ما اريد معرفته منك ولكن لماذا انت مُسلم؟

الرجل المُسلم: لأنني عرفت انك الحق ولأنك تستجيب دعواتي وياما شفيتني و رعيتني ورزقتني في حياتي..لقد كنت احس بك معي في السراء و الضراء و..

قال الله: هذا ليس بصحيح.

الرجل المُسلم: عفواً؟ ربي ماذا قلت؟

الله: قلت ان كلامك ليس بصحيح فلم استجيب لدعوة من دعواتك قط، لقد كنت انت الذي تهتم بنفسك و الذي شفاك هو الطبيب والدواء الذي كتبه لك و لست انا، اما اموالك فجنيتها من عملك ولم اعطك درهماً واحداً، ان إيمانك هو الذي كان يساعدك قليلاً ولكن انا..ابداً لم اتدخل في حياتك و ماجرى لك ولا مره..ليس لي اي فضل في ذلك ابداً. والان اخبرني عن سبب إيمانك وتصديقك بي إن لم تحدث هذه الاشياء كلها؟

الرجل المسلم: انه الايمان الذي بقلبي ياربي، لقد كنت اذهب للمسجد مع ابي منذ كنت طفلاً، لم تفوتني فروضك وقد صِمْتُ رمضان وذهبتُ للحج و اخرجت الزكاه..حتى عندما مات ابي فقد عرفت انك رحمته من مشاهدتي لوجهه المطمئن. انا اعرف بوجودك ايضاً من القرءان الذي اقرأه كل يوم والذي عرفتُ منه انبيائك و رُسُلك و مُعجزاتهم، اعرفك من الشُهداء الذين ماتوا في سبيلك و سبيل نشر دعوتك ودينك ومن مشايخ الدين وكتّابهم و خُطبائهم الذين علّموني انك حقيقة لاشكّ فيها.

قال الله: لا ياعبدي، لقد مات ابوك بأسباب طبيعيه وكان وجهه مُطمئناً ليس بسببي بل بسبب جرعة الدواء المخدره للألم. لقد كنت اشاهدك و اراقبك ولكني لا افعل اي شيء، اما هولاء المشايخ و الخُطباء فهم يؤمنون بي بنفس الطريقه التي تؤمن بها انت، ليس الشهداء فقط من كان يؤمن بي ، فحتى الطُغاة واللصوص و المُجرمين يؤمنون بي، ان سؤالي هو كيفَ يَختلفُ إيمانك بي ، عن إيمان ملايين البشر بآلهةٍ مُختلفه وبِكتبٍ غير القرءان، انني اسئلك للمرة الاخيره ان تعطيني سَبباً مُقنعاً لإيمانك بي؟

الرجل المُسلم ادرك ان ربه يختبره فقال: لقد ارسلت لنا نبيك المُصطفي برسالته والتي صدّقت وآمنت بها وعرفت انها لا تكون الا من اله حقيقي وانني ان لم اؤمن فسأعذب في جحيمك لذا طمعت بجنة نعيمك ..ولم اكن مخطأً فها انت امامي مِصداقاً لهذا الدين الحق.


(٢)

بعد فترة من السكينه تكلّم الربُ بهدوء قائلاً: يا عبدي لقد اعجبت بك و بإيمانك و لكن ليس بما فيه الكفايه، انت امنت لأنه تم تلقينك هذا الايمان، وهذا يدل على انك لم تكن مُقتنعاً، ربما كنت خائفاً من العذاب و الجحيم ، وربما كنت طامعاً في النعيم و حورياتها العذروات ، وهذا ليس بسببٍ كاف بالنسبة لي، ان الجنة عزيزة ولست لكل من هب ودب، لذا مكانك ليس فيها.

طرقع الله اصابعه وكانت لويحظات ظهرت بعدها ملائكة العذاب تطير واختطفت الرجل المسلم و القته من هامته في احد براكين جهنم.

جاء دور الرجلِ المُلحد والذي وكالعاده في طوابير الحساب في الاخره تقدم خطوتين و لكنه لم يسجد لأنه ادرك بأن لا فائده من هذا فقد تأخر الوقت، اذا كان الله فعل ذلك برجلٍ مؤمن، فمابالك بما سيحدث له و هو المُلحد.

"انت مُلحد" قال الله فهز المُلحد رأسه بالايجاب غير مُصدّق ان من ظنه شيئاً خيالياً موجود امامه.

قال الله: لقد تشككت بوجودي و ضحكت علي المومنين بي ولم تعترف بكل الآيات التي ارسلتها ..فماذا ستقول الان؟

قال المُلحد: من الواضح انني كنت مُخطأً

أمازلت مُلحداً؟…سأله الله.

المُلحد: اعتقد لا ..الان طالما عرفت انك موجود لم اعد ملحداً.

الله يغالب إبتسامة خبيثه: فماذا انت الان، اتعتبر نفسك مومناً بعد هذا؟

المُلحد: اعتقد انه من الممكن ان تسميني مؤمن من غير طوعي ها هاها هها.

إخرس..صاح الله صيحة خرت لها بعض الجبال السماويه المحيطه. هنا ادرك المُلحد ان الله ليس عنده روح دعابه فسكت منتظراً ان يحكم عليه و يرسله الى الجحيم.


(٣)

إلا ان الله استمر في اسئلته للمُلحد رغم ذلك فقال: الغريب انك نشأت مُسلماً وكنت تذهب للصلاة في المسجد وامُك امرأة متدينة جداً و كنت تقرأ القرءان ..فماذا حدث لك لتصبح مُلحداً.

المُلحد: لقد كانت قراءة القرءان تجعلني اشعر بالراحه و لكنني لم اكن افقه ما اقرأ وعندما حاولت ان افهم، وجدت ان القرءان لا يتسق مع الاشياء الاخرى التي اعرفها. لقد كنت مثل الاخ المسلم الذي قبلي والذي ارسلته الى الجحيم اؤمن لأنني اؤمن وبس.

الله: وكيف ضاع كل ذلك الايمان منك..مالذي جعله يذهب..كيف قررت انني غير موجود؟

المُلحد: لقد اكتشفت ان القرءان لايتفق مع ما تعلمته في البيولوجيا، ولا الجيولوجيا ولا علم الاحافير و وجدته يناقض كل شيء في علوم الطبيعه و الفضاء. لذا فلا يمكن ان يكون صحيحاً، لقد رأيت ان المؤمنين لا يستعملون هذا الذكاء الانساني- الذي اعطيتنا آياه- انهم يقبلون تفسيراً واحداً لكل شيء وهو " سبحان الله..هو عمل هذا..سبحان الله ..هو خلق ذاك" وجدت الاديان تريد احتكار الاخلاقيات وجدتها تحتكر سعادة الانسان مثلما تحتكر الحقيقه و تمنع عقلي من التفكير الحر. رأيت الاديان سبباً للتفرقة بين الانسان و الانسان وجدتها متسببة بالحروب و القمع و الاباده و الارهاب لذا قررت ان اكون ملحداً.

سكت الملحد هنا وقد تراجعت الجموع في الطابور من خلفه متوقعة ان تضربه صاعقة من غضب الله في اي لحظه. ولكن هذا لم يحدث واستمر الله في طرح اسئلته: ومع ذلك فها انت هنا، امام ربك و في يوم القيامه يوم الحساب العسير فماذا تريديني ان افعل بواحد مثلك كافر زنديق مشرك غير مؤمن بي؟ لا تنس انني رب رحيم ايضاً فهل لك كلمة اخيره تبرر فعلك و تنقذك من العذاب؟

المُلحد: لماذا يجب ان تغفرلي؟ انه سؤال جيد..اعتقد لأنني افضل من الانسان المؤمن بكثير.

صاح الله وبصوت عال اهتزت له السماء : ماذا قلت؟

وهنا شهقت الحشود في الطابور من خلف المُلحد وبدأت بالتراجع خوفاً ان يصيبهم شيء من ضربة صاعقة قد يرسلها الله عليه.

الملحد وهو مازال مستغرباً كيف ان الله لم يرسله للجحيم بعد: قلت لأنني افضل كأنسان من ذاك المؤمن. انا لست كما كل هؤلاء المؤمنون لم اتأثر بكل الدُعاة و رجال الدين لم استعمل عقلي لتبرير وجودك و الصاق كل شيء بك لقد استعملته كما يجب ان يُستعمل، لقد قلتها بنفسك للرجل المؤمن من قبلي انك لم تستمع للدعاء والصلاة و لكن لا تفعل شيئاً حيال ذلك، بينما انا اعمل كل مابوسعي لمساعدة نفسي و غيري مُعتمداً على عقلي. المؤمنون يقتلون انفسهم بسبب خلافات فقهيه تافهه، يذبحون الابرياء بالارهاب ظناً منهم ان هذا مايبغيه الله، انا لا افعل ذلك لا اقتل من هو اضعف مني بأسمك، ولا اسرق ولا افعل مايضر الناس ، هدفي هو تحقيق اقصى قدر من السعاده للبشريه ..بينما بالنسبة للانسان المؤمن الغايه -وهي جنتك - تبرر الوسيله اما انا ففضيلتي هي غايةٌ بحدِ ذاتها…لذا انا الافضل وأنا استحق الجنه.

(٤)


الله: هل انتهيت من كلامك؟

المُلحد: نعم.

الله وبصوت هاديء : لقد ادهشني كلامُك فأنت لم تؤمن بي لأسباب منطقيه، وعشت حياة شريفه مليئة بالاعمال الكريمه للاخرين وكانت نفسك طيبة متسامحه و استخدمت علمك و عقلك الذي اعطيته لك لخدمة الجميع ، رغم انك توصلت الى الاستنتاج الخطأ حول وجودي ولكنك حققت هدف الخلق.. لذا و ببركتي امنحك دخول الجنه.

المُلحد: لا اريدها

الله وبصوت قوي تفجرت على اثره بعض البراكين السماويه: ماذا؟ اترفض جنتي؟ اتتحدى رغبتي؟

الملحد: هل تظن بأنني سأكون سعيداً في جنة صاحبها يسمح للمعاناة بإسمه و لا يتدخل، لقد صَمَتّ على قتل الابرياء، لقد سكتّ على الظلم و الظالمين انعدام العداله لقد سمحت بالاضطهاد و قمت بإخفاء نفسك عن العالم جاعلاً الناس يتخبطون في ايمانهم كلٍ يذبحُ الاخر بإسمك، انه لا يشرفني ان اكون في جنة صاحبها يعاقب حتى المؤمنين به كما فعلت بالمسكين الذي قبلي في الطابور.

الله: حسناً ولكني لن امنحك حتى الجحيم لأنك ايها المُلحد لا تستحق ذلك..سأعاقبك بالخسران المبين بأن اجعل وجودك عدماً ان امحيك وكأنك لم تولد ولم تعش ولم تكن، ستحترق مثل ورقة حقيرة عبرة لمن لا يحترم ذاتي الالهيه.

المُلحد: لا فرق معي وكيف ستفعل ذلك؟

سأشير بهذا الاصبع وستضربك صاعقتي الماحقه وتصبح كالعهن المنفوش.

المُلحد: هل لي من طلب اخير قبل ان تفعل؟

الله: ماذا هو؟

المُلحد: ان تنظر بعيني وانت تفعل ذلك..اتحداك ان كنت الرب الحقيقي ان تفعل هذا.

حسناً قال الله: فما هذا علىّ بعزيز.

(٥)

وهنا نظر الله بعين الملحد

........

ونظر المُلحد بعين الله

.........

رفع الله اصبعه واشار الى المُلحد وفجأة…صار الله يَضمَحلُ شيئاً فشيئا..حتى اختفى من الوجود مرة اخرى ..وعاشت الانسانية بسلام.


بن كريشان

12 التعليقات:

غير معرف يقول...

I didn't like the finish of the story, needs some development. But the topic and the idea are briliant. Congrats !!

A Tunisian Atheist

http://darkwhisperer.wordpress.com

Ben Short يقول...

عزيزي الملحد التونسي

شكراً لكلماتك ونقدك
لقد تصارعت انا مع النهاية ايضافهل عندك اقتراح مختلف ( او عند احد القراء )عن كيفية انهائها؟
انا لا امانع تغير النهايه

بن

Pure يقول...

رااااائع!

طريقة الله في طرح الأسئلة
فعل كما أفعل أنا

عندما أطرح سؤالاً على شخص
يلف ويدور في ردّه على سؤالي
وأطلّع عينه إلى أن أقتنع بما يقوله

أعجبتني شجاعة الملحد

النهاية
اممم ..
ربّما لو يقرّر الله في تلك اللحظة
خلق مكانًا وسطًا بين الجنة والنار

مكانًا نائيًا لغير المؤمنين به

نرجع لفكرة الجزيرة هههه

لا عليك
نهاية قصتك ممتازة

مُبدع أنت!

MSMO يقول...

النهاية الأفضل هي النهاية المفتوحة كرمز لاستمرار الصراع بلانهاية بين الأديان والإلحاد

W0A1VI يقول...

قصص ذكية و قصد مميز خاصة قصة الأطفال و الفيل مع الحجر الاسود العملاق

The High One يقول...

هي قصة ناقدة و يجب نقدها على هذا الأساس , لدي قصة قد تعجبك يا بن أستوحيتها من خلال وثائقي بالبي بي سي عن الاله و وجوده بالعقل البشري

أتمنى أن تستمتع بها هي في مدونتي

غير معرف يقول...

رائع دائما يابن كريشان
اما النهايه فلدي فكره
انه عندما ارسل الله الصاعقه
للملحد ليصبح عدما
اخرج الملحد من جيبه مراءه
وعكس الصاعقه لتمحي الله هع

غير معرف يقول...

اول مرة أعلق فاسمح لي

انا معجب بأسلوبك وأفكارك

بالنسبة للملحد الذي يطلب من الإله ألا يتفضل عليه بالنعيم أو بالجحيم
إنك تتمنى للملحد العدمية
وذلك الإله الجبار سيجيبه إليها

ولكن يالبراعتك فأنت تدرك في قرارة نفسك أنها لا تكون في حال وجود الإله

لذا فالحل العبقري :

لقد تلاشى الإله

اهنئك وأسجل إعجابي

Fahd Fadel

Unknown يقول...

بسم الله الواحد الاحد اما بعد أذا كان هذا كلامك فانا عندي سوأل واريد ان تجاوبني عليه بدون اجوبه فلسفية اواستهزاء مع العلم اني قد سئلت مجموعة من الاطفال ونحن نعلم ان خيال الاطفال لا حدود له وقد اجابوني عليه (كيف انت) ارجو ان تجاوبني عليه وبدون استهزاء

فداء يقول...

هعود بالله من الشيطمن الرجيم...كيف للك ان تحكي هكدا عن الله تعاى’الا تعرف انه خالقك’يها الحقير الملحد انت تستحق جهنم...تفووو على امتالك..ادا كان صحيح ما تعنيه فاجبني ..من هو خالقك’’

غير معرف يقول...

يا بن متناكه لو مش عاجبك دين الأسلام غور لبلاد اليهود

غير معرف يقول...

بسم الله الواحد الاحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد
والصلاه والسلام على رسولة محمد خير البرية

ما اقول الا حسبي الله عليك وعلى كل ملحد

قال الله تعالى،،، وماقدروا الله حق قدرة

statsheet counter

website counter

الفكر الإلحادي

الإلحاد

الملحدون العرب

الملاحده

العلمانيه

الحريه

الليبراليه

اللادينيه

الخلافه الإسلاميه

اللجنه الدائمه للإفتاء

الأسلام

مواقع إسلاميه

إلحاديه

الأسلام اليوم

مفكرة الإسلام

عمرو خالد

الأعجاز العلمي

الملحدين

السنه النبويه