طَـلَـبُ إسْتئنـاف

قصة قصيره

سَيدي القاضي، حَضـرات المـستشارين. إن مرافعتي اليوم في محكمتكم الموقرة انما هي لإحقاق الحق من اجل العدالة وللطعنِ في الاحكام السابقة الصدور ضد مُوكلي السيد ابليس والتي اصدرتها المحاكم قبل ستة الاف سنه ليستعيد مُوكلي كرامته وان يـُرفعَ الظلمُ والغبنُ الذي وقع عليه.

لقد تم الافـتراء على موكــلي ونُــعت بأسماء مُــشينه مثل شيطان وخـنزب وابـو رمره والــرجيم والزلـنبور ومن قبل الذي يـقولُ ولاتنابزوا بالالقاب ثم الصق به كل الاعمال والشرور التي يقوم بها البشر بما لايليق به ظلماً وعدواناً. إنني هنا لأقدم لمحكمتم المــحترمه الادلـة التي تثبت بما لايدعُ للشك مجالاً بأن الاخلاقيات الانسانيه انما بـُنيت على كذبـة الـهية كبـرى وان موكـلي لـيس له فيها ناقــةٌ ولا جـمل.

سيدي القاضي ..ياحضرات المستشارين، ان التقارير المـدونة مـنذ ستة الاف سنه تذكـر ان الله اول ما خلق، فقد خلق السيد أدم والسيدة حواء ومن ثم خلق الحيوان والطير والشجر، وكما تعلمون فأن هذه كذبة كبيره حيث ان الله قد قام بسرية تامه بخلق الديناصورات من قبل ذلك بستين مليون سنه ، واخفى ذلك عنهما مما يدلُ على ان عنده قابلية الكذب مُسبقاً. كما ان هناك من الادلة المثبتة بالشهود انه حَقد على موكلـي عندما نبهه ولفتَ نظره انه من الخطأ ان يطـلب الله منه او حتى من غيره السجـود لغير الله و خاصة ادم وذلك حتى لا تتناقض اقواله مع بعضها حيث انه كان يعتبر السجود لغيره خطأ، ورغم انها كانت نصيحـةٌ بريئه، الا ان الله كما تـرون اضـمرها في قلبه، ذلك ان كان عنده قلبٌ يا سيادة القاضي وحضرات المسشارين فأنا غير متأكد من هذه الحيثيه.

كان موكـلي يتمشى في الجنـة ولم يكــن برفـقة السيد آدم او حرمه السيده حواء عند حدوث الجريمة، وانه قد التقاهم صدفة قبل ارتكابهم لتلك الجريمه وجرت بينهم محادثة من قبيل المجاملات ولفترة وجيزه لم يقصد بها موكلي السيد ابليس ان يضُر احداً. سَأل مُوكلي ببراءة السيد آدم وحرمه المصون ان كانا يتمتعان بأكل الفواكه اللذيذه في البُستان السَماوي ،فأجابت السيده حواء بالنفي قائلة ان الله قد حرّم عليهما لمس الفواكه من الجنه، حين تدخل زوجها السيد آدم مُصححاً بأن الله لم يُحرّم عليهما لمس الفاكهة وانما حرّم عليهما اكلها، فـردّت السيده حواء عليه بأنهـا لاتتذكـر ذلك وانما تتذكـر فقط انه قال لهما لاتلمسا الفاكهه فقال السيد آدم انه اي الله، كان يقصد ان لا يأكلُا من فاكهة شجرة واحده فقط هي التي في منتصف الحديقة الالهيه.. وهنا سألهما ابليس بحُسن نيـة عن السبب، فأجاباه بأن الله قال لهما ان اكلتما منها فستموتان في الحال، لأن من يأكل من ثمرة شجرته المفضله يموتُ فوراً.

أجابهما ابليس بأنه غير متأكد من انهما قد فهما كلام الله بصورة صحيحه وخاصةً انهما مختلفان في ماقاله الله بالضبط وبما انه كان يعيش في الجنة من قبلهما فقد قال انه يَشُكُّ في صِحة ذلك لأنه وحسَبَ عـِلمِه فأنَّ الفـواكه المسمومـه لاتـنبُت في الجنـه. وهنـا قـالت السيده حواء اتعنى إننا لو اكلنا من ثمرة الشجرة التي بالوسط فلن نموت؟ فأجابها مُوكلي وبحسن نية انه كان يأكل بنفسه من تلك الثمرة ولم يحس حتى بأي توعـك في المعدة وهو كما تراه مازال حياً.

سيدي القاضي ..حضرات المستشارين، اننا نُلاحـظ التناقض الواضح بين اقوال السيد آدم وبين ماورد في التقارير القديمه بالكتب المقدسه والتي لم تحدد مكاناً للشجرة بل قالت انها شجرة الثمـرة المحـرمه فمن اين لموكلي ان يعرف اي شجرة هي؟ كما ان التعليمات لم تكن مدونة او موثقة بصورة واضحة والا فأن ليس لموكلي اية مصلحة في ان يُحرضهما على مخالفة اي اوامر الهيه من اجل سلامتهما. ان الذي حدث ياسيادة القاضي ان السيد آدم زوجته السيده حواء تذوقا من فاكهة الشجرة تلك والتي كانت بالصدفة ومن دون علم مُوكلي "شجرة المعرفه" وهنا تفتحت عينا السيد آدم والسيده حواء وصارا يرون الحقائق بـوضوحً وبـدون كـذَب، وهو الامـر الذي لم يـُعجب الله والذي كما ذكرت لديه تاريخٌ سابقٌ بالكذب.

سيدي القاضي، حضرات المستشارين، انه وكما تعلمون بأن السيد آدم والسيده حواء لم يمـوتا بعـد ان اكلا من تلك الشجره، بل تدلُّ التقارير التي وردت في الكتب المقدسه بأن السيد آدم عاش لأكثر من ٩٠٠ سنه فعلى ماذا يـَدلُّ ذلك؟

ان هذا يدلُّ على ان موكلي كان صادقاً حين قال لهما انهما لن يموتا ان اكلا من الثمرة المحرمه وهذا ماحدث فمن هو الكاذب هنا..الله ام موكلي. سيدي القاضي حضرات المستشارين الكرام لقد مـات آدم بالشيخوخة وبعد عمر مديد وليس بسبب اكله ثمرة الشجره والتي لو كان الله صادقاً فيما يقولُ لكانت قد قتلته على الفور ولما كنا نحنُ موجودين هنا اليوم. ان اكل ادم وحواء من هذه الشجرة فتح اعينهما على المعرفة التي كانت مُحرّمة عليهما وعلينا ولولا نصيحة موكلي والتي لم تكن بقصدٍ لبقينا نعيش مثل الحيوانات لا نعرف الخير من الشر.

لقد كانت الغيرة الالهيه والحقد هما السبب الذي جعل الله يقومُ بالتحريض على مُوكلي كونه احبط خططه الشريره مما دفع الله لتزوير الادله لأصدار احكام قضائية جائرة ضد موكلي السيد ابليس قبل ستة الاف سنه. ان شُهودَ عيـَانٍ قد سـَمعوا الله يقـولُ لبعض الملائكه بعد ان تملّكهُ الغـضب" هاقـد اصبح الانسانُ يعـرفُ الخيرَ منَ الشرِّ وكأنه واحداً منّا، مالذي بقى ان يفعل؟ هل سيأكل من ثمرة شجرة الخلود فيعيش خالداً مثلنا".

سيدي القاضي .. حضرات المستشارين، انه من الواضح ان الله لم يكن ينوي ان يجعلنا مُخلديـن كما انه لم يقصـد لنا ان نكون عقلانيين وراشدين،ان قيام السيد آدم والسيده حواء بأكل الشجرة نتيجة لنصيحة موكلي كان له الاثر الطيب على الانسانيه جمعاء وهو سبب بنائنا للحضارات واكتشافنا للحقائق واختراعنا للاجهزة والنظم والقوانين، بينما عدم اكلنا من ثمرة الخلود هو ماتسبب تسبب علينا بالضرر وجعلنا نموت ولا نخلد.. فمن كان ينوى الشر لنا ،ومن كان يقصدُ لنا الخير؟

سيدي القاضي، حضرات المستشارين إنني اتقدمُ لمحكمتكم الموقره بطلب الاستئناف هذا لتبرئة مُوكلـي من جميع التهم التي وجهت اليه في الماضي، انه ليس فقط بريء منها تماماً بل فأن ماقام به قد انعكس ايجابياً على حياتنا، انه لولا موكلي لبقينا في الجنة نعيشُ حياة القرود نأكل الفاكهة من الاشجار ونلتقطُ القمل من ظهور بعضنا ولم نكن لنعرفُ طعم النبيذ.

بن كريشان